تجربة رائدة للمملكة العربية السعودية في مواجهة جائحة كورورنا
الأربعاء 16-09-2020 17:26
كتب: زكي يحيى
المملكة العربية السعودية من أولى الدول التي استشعرت خطورة فيروس كورونا (كوفيد19)، ومن أولى الدول التي اتخذت الإجراءات الاحترازية، وتعاملت مع هذا الوباء بكل شفافية وجدية لحماية الإنسانية والإنسان سواء على المستوى المحلي أو العالمي.
لقد اتخذت المملكة التدابير اللازمة التي اتسمت بالجدية الفائقة لمواجهة تداعيات جائحة فيروس كورونا، وقامت بالاستجابة المبكرة لتلك التداعيات؛ حين قامت في 27 فبراير 2020 بتعليق قدوم المعتمرين إلى الحرمين الشريفين داخليًا وخارجيًا، وهو إجراء أشادت به منظمة الصحة العالمية، ثم ما كان من منع الدخول إلى محافظة القطيف والخروج منها، بعد اكتشاف إحدى عشرة حالة إصابة بالفيروس التاجي، في خطوة سبقت بها المملكة دول المحيط الإقليمي جميعها.
كما سارعت المملكة إلى تنفيذ خطوات الإغلاق والتباعد الاجتماعي وتعليق الأنشطة الرسمية والمجتمعية، حيث فرضت حظرًا كليًا أو جزئيًا في جميع أنحاء البلاد – حسبما تقتضيه الحالة.
كما تم تعليق الدراسة في جميع مراحل التعليم، وكذلك تعليق العمل في جميع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وفرض آلية الدراسة والعمل من بُعد، وإغلاق المساجد والمسارح ودور السينما والمراكز التجارية والمطاعم، ومنع التجمعات في الأماكن العامة الأخرى، وعدم السماح بالخروج والعمل إلا للضرورة الحتمية، بالإضافة إلى وقف الرحلات الجوية المحلية والدولية، وعدم السماح بعودة المقيمين إلى المملكة، إلا بعد انتهاء أزمة جائحة كورونا، وإعلان ذلك رسميًا وبموجب تأشيرة دخول سارية المفعول.
من ناحية أخرى، واجهت المملكة الآثار السلبية التي فرضتها الجائحة على اقتصاد الدولة وعلى المواطنين والشركات، وتعهدت بإصلاح ذلك كله عبر باقات دعم مالية بلغت 177 مليار ريال (47 مليار دولار)، والالتزام بدفع 60% من رواتب الموظفين السعوديين في القطاع الخاص، ورفع سقف ديونها إلى ما يعادل نصف دخلها الإجمالي المحلي.
وتوافقت الخطوات التي اتخذتها المملكة مع الإجراءات التي أطلقتها معظم دول العالم في مواجهة الكارثة الصحية، ومنها خفض الإنفاق الحكومي، وتشغيل رحلات استثنائية لإعادة مواطنيها العالقين في دول أخرى، وتوفير حزمات مالية بلغت مئات المليارات من الريالات لتحفيز الاقتصاد ودعمه؛ سواء بإعادة هيكلة الديون، أو توفير التمويل للعمال الذين فقدوا وظائفهم، أو دفع أجور عمال القطاع الخاص لمدة ثلاثة أشهر، وكذلك دعم القطاع الخاص بالسماح لأرباب الأعمال بتأجيل دفع الضرائب، وإلغاء بعض الرسوم الحكومية، وتغذية القطاع الصحي باحتياجاته كافة، واستيراد المواد الغذائية – وأهمها القمح – التي تغطي حاجات المواطنين والمقيمين، وغير ذلك من عشرات الإجراءات التي اتخذتها المملكة من أجل تخفيف وقع آثار الجائحة على الناس.
وعلى المستوى الإنساني، قدمت المملكة عشرة ملايين دولار دعمًا ماديًا لمنظمة الصحة العالمية، وأسهمت بخمسمئة مليون دولار في جهود الإغاثة الدولية، بالإضافة إلى التبرع بكميات هائلة من المعدات الطبية المختلفة لبعض الدول التي تعاني من آثار الجائحة أكثر من غيرها.
كما أن المملكة، في خضم تلك التداعيات، لم تنس واجبها نحو الشعب الفلسطيني؛ فقامت بتقديم مبلغ عشرة ملايين ريال (2.66 مليون دولار)، لإعانة الفلسطينيين على مواجهة آثار الجائحة.
أما ما انفردت به المملكة في مجال مواجهة الجائحة؛ فقد تمثل في توفير العلاج المجاني الكامل لمواطنيها، وكذلك لأي مقيم على أرضها، حتى لو كان مخالفًا لأنظمة الإقامة الرسمية، وتحويل قرابة 3500 منشأة مدرسية إلى وحدات سكنية مؤقتة للعمالة الوافدة لمنع الاكتظاظ، وما تعهد به الملك سلمان من تزويد الجميع مواطنين ومقيمين بالأدوية والغذاء وضرورات الحياة خلال الأزمة، وكذلك التعاقد الذي أبرمته المملكة مع مجموعة جي بي آي الصينية بقيمة مليار ريال (265 مليون دولار)، لإجراء تسعة ملايين فحص طبي للفيروس، وإنشاء ستة مختبرات فنية، وتوفير خمسمائة خبير وفني متخصص في هذا المجال.
وقد بلغت الفحوصات التي أجريت حتى 19 مايو أكثر من 618 ألف فحص لجميع الفئات الأكثر عرضة للوباء.
ولم تقف الجائحة عائقًا أمام المملكة في القيام بدورها في قيادة مجموعة العشرين في دورتها الحالية؛ فسارعت إلى عقد مؤتمر افتراضي لقادة المجموعة برئاسة الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأسفر المؤتمر عن عدة قرارات، أهمها: تعهد دول المجموعة بمبلغ سبعة تريليونات دولار لدعم الاقتصاد العالمي المتعثر جراء الجائحة، وتأسيس صندوق لتمويل مكافحة الوباء، وتعليق سداد الديون المستحقة على الدول النامية.
كما عقدت المملكة اجتماع لوزراء الطاقة لمجموعة منظمة “أوبك” لاستقرار أسواق الطاقة، وعدم تأثرها بجائحة كورونا، وعقدت اجتماع استثنائي بين وزراء الدول الأعضاء لمنظمة أوبك، والدول المنتجة من خارج المنظمة لإعادة التوازن لأسواق النفط عالميًا.
كما كان للمملكة دور في رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي، الذي أبرز ما اتخذته السعودية من بداية تفشي هذا الوباء من إجراءات رقابية واحترازية صحية ومالية واقتصادية، وذلك من خلال إطلاق حزم شاملة من المبادرات العاجلة والمحفزات الاستثنائية.
وقد استطاعت المملكة بخبراتها المتراكمة وتفانيها في مسيرة نجاحاتها في مواسم الحج كل عام، في تنفيذ خطة لموسم حج 1441هـ الاستثنائي بإقامة الحج بأعدادٍ محدودة جدًّا، وفحص جميع المشاركين في أداء فريضة الحج لهذا العام، وتوفير الإجراءات الوقائية والاحترازية كافة، والحرص على تحقيق التباعد الجسدي، وإخضاع جميع المشاركين للعزل المنزلي قبل بدء مناسك الحج وبعد الانتهاء منها، بالإضافة إلى توفير الخدمات الصحية اللازمة خلال أيام الحج، واشتراط 20 حاجًا كحد أعلى لكل باص، وتوفير مستشفيات ميدانية وعيادات متنقلة في المشاعر المقدسة وداخل مكة والمدينة، وتوفير أساور كورونا لجميع الحجاج لرصد العزل المنزلي قبل الحج وبعد الانتهاء منه، وتقديم خدمات الدعم والاستشارة من 937 بـ13 لغة.