كيف نجحت المملكة في إقامة شعيرة الحج من دون تسجيل أي إصابة بفيروس كورونا
الأحد 20-09-2020 23:19
كتب: زكى يحيى
في ظروف استثنائية واحترازية خاصة، ووسط منظومة متكاملة من الخدمات شهدت مضاعفة الجهود والتخطيط والمتابعة، نجحت المملكة العربية السعودية في هزيمة فيروس كورونا، والعبور بموسم الحج لهذا العام 1441 هـ (2020م)، إلى بر الأمان ومن دون تسجيل أي إصابة بين الحجاج.
بدأت قصة النجاح عندما استشعر المسؤولون في حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز-يحفظه الله- حجم المسئولية الكبيرة وبدأوا في إعداد خطط عمل استثنائية لمراعاة المتطلبات الطبية لإجراءات العزل الصحي قبل وبعد أداء مناسك الحج، وتوفير البيئة الصحية والمعايير والاشتراطات اللازمة لأماكن سكن الحجاج وإعداد خطط التفويج لمناسك الحج بما يسمح بإقامة موسم الحج لأداء الفريضة الخامسة من الشريعة الإسلامية بشكل آمن وفي ظل إجراءات تضمن سلامة الحجاج.
كانت المعايير الصحية هي المحدد الرئيسي لاختيار الحجاج، حيث تقرر إقامة حج 1441هـ – 2020 لأعداد محدودة من مختلف الجنسيات الموجودين والمقيمين في السعودية، وتمكينهم من أداء مناسك الحج بصورة آمنة صحياً وبما يحقق التباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته، وبالفعل صدرت الموافقة الملكية الكريمة على أن تكون نسبة غير السعوديين من المقيمين داخل المملكة هي 70 في المئة من إجمالي حجاج هذا العام، وتكون نسبة السعوديين 30 في المئة فقط من الحجاج.
بدأت الاجراءات الصحية مبكرًا عبر إخضاع جميع الحجاج للفحص قبل أن يصلوا إلى المشاعر المقدسة، وكذلك اخضاع كافة العاملين في الحج إلى الفحص قبل أن تتم بدء المناسك، وكان الحج هذا العام متاحا لمن يقل سنهم عن 65 عامًا، ولا يوجد لديهم أي أمراض مزمنة، فضلاً عن خضوع الحجاج للحجر المنزلي بعد أداء الحج، كما تمت متابعة الحالة الصحية لكافة الحجاج بصورة يومية، عبر تجهيز عدد من الطواقم الطبية التي رافقت الحجاج خلال أداء المناسك، وتم تخصيص مستشفى كاملاً تحسبا لحدوث أي ظرف طاريء، بالإضافة إلى مركز صحي في مشعر منى.
كانت وكالة الشؤون التوجيهية والإرشادية بالرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، حاضرة في المشهد من خلال تقديم أكثر من 100 برنامج، بما مكّن الحجاج من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة وطمأنينة، حيث تنوعت تلك البرامج بين توجيهية وإرشادية ودروس ومحاضرات، شارك فيها أصحاب المعالي والسماحة والفضيلة العلماء، وخدمات التطويف، وتفعيل برامج تصحيح التلاوة، ومقرأة الحرمين الشريفين عن بعد، وترجمة الأدعية الواردة من الكتاب والسنة.
وجاءت الهوية الإعلامية البصرية واللفظية الموحدة لتتناسب مع حج هذا العام، فكانت عبارة عن جزء من قوله تعالى في الآية 46 من سورة الحجر “ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ”، حيث تم الاكتفاء بكلمتي “بسلام آمنين”، وتعني كلمة “بسلام” أي سالمين من الآفات، و”آمنين” أي من كل خوف.
وقامت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بترجمة خطبة يوم عرفة إلى 10 لغات هي :”الإنجليزية، والفرنسية، والإندونيسية، والأوردو، والفارسية ، والصينية ، و التركية ، والبنغالية ، والهاوسا، والملاوية ” وبثها عبر تطبيق مخصص لترجمة الخطبة على أجهزة الهاتف المحمول وموقع الرئاسة الإلكتروني، ومنصة منارة الحرمين، بما يسهم في إيضاح الرسالة الإسلامية والدينية الصحيحة وفق منهج المسلمين باختلاف لغاتهم.
كل تلك الجهود جاءت في وقت تبذل فيه المملكة الغالي والنفيس في سبيل عمارة وتطوير الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وتقديم أرقى الخدمات العصرية لحجاج بيت الله الحرام والزائرين والمعتمرين، وذلك استشعارًا للمسؤولية والشرف العظيم الذي خصّ الله به المملكة لرعاية الحرمين الشريفين.
حيث إن عمارة المسجد الحرام الأولى وجّه بها الملك عبد العزيز وأمر بتنفيذها وشُرِعَ في تنفيذها بعهد الملك سعود بن عبدالعزيز – رحمه الله – وانتهت في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – ، والتوسعة الثانية كانت في عهد الملك فهد بن عبد العزيز – رحمه الله – ، فيما بدأت التوسعة السعودية الثالثة في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله – ولا تزال مستمرة بأمر وتوجيه ومتابعة ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – يحفظه الله- .
وتُعد التوسعة السعودية الثالثة للحرم المكي هي أكبر توسعة على مرّ العصور والتاريخ، وتتضمن توسعة الحرم المكي، لترتفع الطاقة الاستيعابية بعد إنهاء أعمال التوسعة إلى مليوني مصلٍ، حيث أولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – يحفظه الله – المقدسات الإسلامية عنايته والحفاظ على أمنها، ومن ذلك الأمر بإنشاء الهيئة الملكية لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، وإنشاء شركة المشاعر المقدسة، وتدشين قطار الحرمين، والأمر بإنشاء مطار الطّائف الجديد خدمة لمكة المكرمة وبوابة أخرى للحجاج، والتّوجيه باستكمال جميع مشروعات تطوير المدينتين المقدستين.
وقامت المملكة العربية السعودية بافتتاح أحد أكبر مشاريع التوسعة بالحرم المكي خلال موسم الحج لهذا العام وذلك بعد تطوير باب الملك عبدالعزيز ليكون تحفة معمارية تسر الناظرين.
وأوضح تقرير أصدرته وزارة المالية السعودية أن أعمال المشروعات ضمن التوسعة السعودية الثالثة الكبرى للمسجد الحرام شملت مكونات رئيسة هى: مبنى التوسعة الرئيسي للمسجد الحرام، وتوسعة المسعى، وتوسعة المطاف والساحات الخارجية والجسور والمساطب، ومجمع مبانى الخدمات المركزية، ونفق الخدمات والمبانى الأمنية، والمستشفى ، وأنفاق المشاة ، ومحطات النقل والجسور المؤدية إلى الحرم، والطريق الدائرى الأول المحيط بمنطقة المسجد الحرام والبنية التحتية وتشمل محطات الكهرباء وخزانات المياه وتصريف السيول.
وتسعى السعودية إلى رفع الطاقة الاستيعابية لزوار بيت الله الحرام إلى 30 مليون معتمر بحلول 2030، تماشياً مع أهداف رؤية 2030، وستقوم هذه التوسعة على خمسة مشاريع أساسية: مبنى التوسعة الرئيسي، مشروع الساحات، مشروع أنفاق المشاة، مشروع محطة الخدمات المركزية للحرم، والطريق الدائري الأول الذي يحيط بالمسجد الحرام.. وستضيف مساحة مقدارها الثلثان مقارنة مع المساحة السابقة للمسجد الحرام، حيث من المقدر أن تصل المساحة الإجمالية للحرم المكي إلى نحو مليون ونصف مليون متر مربع.. ويتضمن المشروع إنشاء 78 باباً أوتوماتيكياً يتم إغلاقها بالتحكم عن بعد وتحيط بالحرم في الدور الأرضي.