زمن العجائب.. المحاميون يُعاملون مثل التجار
الإثنين 28-09-2020 16:03
بقلم: ياسر الجوهري
تعتبر مهنة المحاماة من المهن العريقة في مصر، فقد بدأت قبل أكثر من 200 عام، ارتبطت في البداية بخريجي الأزهر الشريف لمن تعلم الشريعة منهم، حتى تم إنشاء كلية الحقوق التي أصحبت مختصة لتخريج المحاميين المصريين، وأبرز هؤلاء سعد زغلول ومصطفى كامل وغيرهم كثيرًا، حتى أصبحت تلك المهنة للزعماء والأفاضل من مصر.
وتمر مهنة المحاماة الآن بعقبات كثيرة، وكانت آخرهم هي تطبيق القيمة المضافة على المحاميين، وجعلهم يقومون بتقريرات مالية سنوية لمصلحة الضرائب ليسددوا الضريبة، وأصبح هنا المحاميون في اعتقاد مجلس النواب مثله مثل التاجر الذي يعمل بالبيع والشراء، فإذا كان التاجر يبيع أشياء ويكتسب يوميًا فالمحامي ليس كذلك، فإنه قد يعمل يومًا واحدًا في الشهر، وقد يصبح كثير التردد على المحاكم بكثرة عمله.
ولكن هذا ليس مقياس أيضًا ولا مبرر لتطبيق القيمة المضافة على المحاميين، وقد جاء هذا القرار من مجلس النواب عام 2017 وتم التصديق عليه من قبل نقيب المحاميين وقتها ” سامح عاشور “، الذي واجه معارضات كثيرة من قبل المحاميين على توقيعه لتطبيق القرار، فهذا ليس من أصول مهنته، فهو وضع لتطبيق مصلحة المحاميين فوق كل شيء.
ولأن أيضًا الدستور يقر بأن المحاميين يشاركون القضاة في تطبيق العدالة، فكيف يتم الحكم بأن المحاميين مثل التجار يُفرض عليهم ضريبة القيمة المضافة، فهذا إخلال للدستور قبل الإخلال بنظرة المحاميين.
وبعد احتجاج المحاميين على” سامح عاشور ” قام بتوقيع بروتوكول يفيد الدفع الفوري لرسوم القضايا التي حددت قيمتها فيما بعد، ونال هذا البروتوكول القبول لدى الجميع، ولكن الآن وبعد ثلاث سنوات وانتهاء فترة البروتوكول في سبتمبر الماضي، تم تطبيق قانون القيمة المضافة مرة أخرى، لينال سخط جمهور المحاماة على هذا القرار.
وقد واجه هذا القرار معارضة تامة من قبل المحاميين، ومنهم من تجمهر سلميًا رفضّا لهذا القرار، وجمعوا الأصوات التي تعارض هذا القرار وأوصلوها للنقابة بالقاهرة، حتى تم تجديد البروتوكول مرة أخرى للمحاميين.
مهنة المحاماة أصبحت تعاني حربًا من أمور شتى، فإذا كان القضاء هو الحاكم في الأمور، فبدون المحاماة لن يصبح للقضاء دور في الحياة، فالمحاماة هي القوام الأول للدولة.