التضخم السكاني ؛ “بين صدمة الأرقام ومرارة الحل”
الإثنين 22-02-2021 12:39
كتب : عبدالرحمن رمضان
قضيةٌ يشهدها المجتمع المصري في آواخر عقوده؛ أثارت الكثير من الجدل في الآونه الاخيره بين موقفها الديني وضرورتها المجتمعيه؛ وبين القبول والرفض من جموع الشعب المصري العظيم؛ إلا أننا حان وقت أن نفتح دفاترها ونلقي نظرة عن قرب؛ ونضع لأنفسنا ميثاقاً نمضي عليه لنعبر منها بسلام وتقدم وتنمية.
إن تنمية البلاد لا تتوقف فقط عن ماهية المشاريع الإقتصادية أو البنية التحتيه؛ أو ما يخص الخدمات “الصحية، التعليمية، الأمنية”
نحن أمام قضية “تضخم سكاني” وليست مجرد زيادة سكانية.
التضخم السكاني : يقضي بحدوث فائض كبير من السكان لا يتناسب مع المساحة المناسبة للحياة على هذا الوطن؛ ولايتناسب مع موارده؛ حيث زيادة عدد المواليد التي تؤدي إلى حدوث إكتظاظ سكاني في مدنٍ كثيره؛ خاصة العاصمة؛ مما يجعلها بدلاً من دلالة على الجمال والرقي؛ كانت دلالة على العكس.
ما يحدث هو عدم توافق بين عدد سكان الدوله وبين مواردها المتاحه والمستحدثه والمعظّمه؛ التي أدت إلى تجاوز القدرة الإستيعابية للبيئة مما يؤدي إلى عدم توازن بيئي ويحدث الإنهيار وهو ما يعوق أي تنمية طموحه للبلاد ؛ ما الحل إذا؛ هل قانون للتنظيم الأسري أم التوعية كافيه ؟!
صرح الخبير الإقتصادي “محمد البهواشي” في برنامج “هذا الصباح” المعروض على قناة “extra news” بأن الخطر الذي يواجه أي اقتصاد في العالم هو خطر التضخم الإقتصادي ومعدل النمو السكاني؛ في ظل جائحة كورونا حققت مصر نمو إقتصادي إيجابي ضمن 15 دوله في العالم؛ ولكن نمو السكان كانت أيضاً مصر ضمن زيادة عددها خلال هذه الفتره؛ هل هي مشكلة لا نستطيع السيطرة عليها؟ هذه المشكلة الملتهمه لكل سبل التنمية الإقتصاديه؛ يكون حلها خلال محورين؛ المحور الأول جانب “الدولة” التي تعمل على مضاعفة الحيز العمراني والمشاريع العمرانية وإستغلال مساحة أكبر من مساحة العمران المستغله؛ من خلال مناطق جديدة ومدن صناعية جديده لإستيعاب التضخم السكاني.
المحور التاني “المواطن” الذي يعد اللبنة الأساسيه للإقتصاد الكلي؛ حيث الموارد الثابته مع الدخل الثابت مع اختلاف عدد الأسرة؛ فمثلا من لدية طفلين ومن لدية 5 أطفال هل جميعهما يتمتع بنفس التربية وجودة الحياة.
تنظيم النسل ورأي الدين والشريعة.
أوضح فضيلة “مفتي الديار المصريه” في برنامج “مع المفتي” المعروض على قناه “الناس”؛ أن تنظيم النسل لا يتعارض مع المشيئة الإلهيه فإن الله “سبحانه وتعالي” حظر في القرآن الكريم ” من قتل الطفل خشية الإملاق” الفقر”؛ أن يُقتل إنساناً كاملاً حقيقياً؛ نحن لا نتحدثُ في هذه المنطقه؛ نحن نتحدث ما قبل هذه القضية” قبل حتى وجود التلقيح” هل هذا يتعارض مع مشيئة الله سبحانه وتعالي؟ إذا وُلد الإنسان فله كامل الحماية؛ لكن نحن الآن نتكلم عن التدابير المتخذه قبل هذه المرحلة؛ والسؤال هنا؛ هل يجوز شرعياً أن نتخذ من التدابير اللازمه والواقية من حدوث “تلقيح الحيوان المنوي للبويضة “
في حديث الرسول” صلى الله عليه وسلم” تناكحوا تناسلوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامه.
اضاف المفتي تعليقاً على هذا الحديث؛ أنه وجب علينا قراءة النصوص قراءة كاملة؛
وأوضح فضيلته أن هناك حديث آخر” تداعي عليكم الأمم كما تداعى الآكلةُ على قصعتها” فقال الصحابة : أومن قلة نحن يارسول الله؛ قال لا بل أنتم كثير؛ ولكنكم غثاءاً كغثاء السيل؛ إذا فالعبرة ليست بالعدد إطلاقاً
فالكثرة المأمور بها شرعا هي الكثرة الصالحه حيث يكون إنسانا قويا ويتمتع بجودة الحيا وحين تكون تؤدي دورها في المجتمع وإلا أصبحنا غثاءاً كغثاء السيل .
آواخر 10 سنوات زادت أعداد السكان في مصر بشكل كارثي ففي عام 2009 قُدرت الزيادة الطبيعية ب 2 مليون و217 الف
2010 :2 مليون و261 ألف
2011 : 2 مليون و216 ألف
2012: 2 مليون و442 ألف
2013 : 2 مليون و621 ألف
2014 : 2 مليون و621 ألف
2015 : 2 مليون و720 ألف
2016 : 2 مليون و600 ألف
2017 : 2 مليون و557 ألف
2018 : 2 مليون 382 ألف
2019 : 2 مليون و304 ألف
بزيادة 2 مليون في كل عام والعديد من الآلاف.
إن أكبر خطرين واجههُ مصر في عصرها المعاصر هما “الإرهاب” و”التضخم السكاني”؛ مما يقلل فرص مصر في بلوغها قمة التنمية الإقتصاديه.
لماذا لا نشعر بأي تحسن إقتصادي؟
لماذا كان قديما قيمة “للجنيه المصري” اكثر من الآن؟
إن الإجابة على هذا السؤال تقتضي علينا أن نذهب للماضي وقبل قرنين من الآن في عصر حكم ” محمد علي ” .
إن “الطبوغرافيا” المصرية مختلفة كثيراً عن باقي دول العالم؛ فعلى الرغم من مساحة مصر الكبيرة “مليون كم مربع” إلا اننا نعيش فقط على شريط سهلي أحضر “وادي النيل” وهو ما يمثل 6% من مساحة مصر؛ قبل 200 عام كان عدد سكان مصر ما يقرب من 4 مليون نسمة فكان نصيب الفرد حين ذاك فدان كامل يعمل فيه؛ الآن هناك 100 مليون مصري على نفس مساحة الاراضي الزارعيه قبل 200 عام فبدلا من فدان لكل فرد أصبح انه هناك فدان لكل 10 أفراد؛ لذلك كانت الحياة قديماً “رخيصه” وكنا نشعر بقيمة “الجنيه المصري”؛ هل علمتم لماذا الآن لا نشعر بقيمة “الجنيه” ولا نشعر بأي تحسن إقتصادي؛ فإن الزيادة المتضخمه بالسكان على موارد محدوده ولا يمكن زيادتها مثل زيادة السكان بهذا الشكل؛ فمثلا هل يمكن أن نستصلح 100 مليون فدن ل 100 مليون مصري لكي يشعر بنفس الحالة الإقتصادية قبل 200 عام؛ هذا مستحيل ولا يحدث إطلاقا ؛ إذا فنحن أمام حلٍ وحيد “ضبط عدد السكان بتنظيمه”
هذه قضيتنا؛ إن الزياده السكانيه التي حدثت منذ “محمد علي” إلى الآن؛ أي من 4 مليون إلى 100 مليون تمت في 200 عام؛ ومن المتوقع كأرقام إحصائية توقعية؛ أنه خلال 30 عاماً فقط من الآن سوف تصبح مصر ما يقرب من 193 مليون نسمة بمعدل زيادة ما يقارب ال 100 مليون نسمه أخرى؛ وخلال 30 عاما فقط وليست 200 عام؛ لذلك فإن إحساس الفقر يزيد وعدم الشعور بأي تحسن إقتصادي ملحوظ .
“نموذج القانون الصيني”
منذ عام 1978 وحتي عام 2015 كان تنظيم الأسرة في “الجمهورية الصينية الشعبيه” تتمثل في إنجاب عدد طفل واحد فقط ومنع إنجاب اكثر من ذلك ؛ وبذلك تخطت الصين أزمتها السكانية وسيطرت على الوضع؛ فهل مصر تحتاج قانون “تنظيم النسل” أم انه هناك وعي كافي لدى الشعب المصري بخطورة موقفنا ؟!
إن تنظيم النسل بمفهومه “التنظيمي” وليس مفهومه “الإعتراضي” مطلب وطني وضرورة شرعية في ظل التضخم السكاني والظروف التي تمر بها البلاد؛ إن مصر لديها أكبر عدد من السكان في وطننا العربي؛ وايضا لديها الكثير من المشاكل التي خلّفتها عقوداً ماضية؛ ولا يمكن أبداً حل مثل هذه المشاكل؛ وهناك تحدي من أكبر تحديات مصر” التضخم السكاني”؛ إن العبرة لم تكن أبداً بالكثرة وقد تكون فاسدة فيُهدم المجتمع؛ فالقلةُ الصالحه خير من الكثرة الفاسده؛ اترككم أمام سؤال يضعكم أمام أنفسكم خلال قضيتنا هذه؛ هل الكثرة الآن أفادت المجتمع المصري أخلاقياً على الأقل أم أننا أمام حل التنظيم ؟